لسنوات عدة مضت كان أكثر التركيز على علاقة الأم بأطفالها، وأهمية وجودها في حياتهم للاه بهم ورعايتهم،
وهذا بسبب التعود على أن الأم هي المسئول الرئيسي عن رعاية الأطفال منذ
ولادتهم، وحاجتهم للالتصاق بها للإحساس بالحنان والحب والرعاية.
ولكن أين مكان الأب من تربية الأبناء؟؟
وهل للأب مسئولية في تربية الأبناء؟؟
وهل غياب الأب عن حياة الأبناء له تأثير عليهم؟؟
وهل صحيح بأن الأم وحدها هي المسئولة عن تربية الأبناء؟؟
لماذا يوجد لدينا هذا الكم من الشباب المراهقين اللذين يجوبون الشوارع
ليلاً نهاراً بدون هدف ومن غير رقيب، ولا حسيب، ولا رادع لهم؟؟
هل هذا بسبب غياب دور الأب في تربيتهم؟؟
أم بسبب عدم وجود التفاهم والنصح والإرشاد في المنزل؟؟
هذه الأسئلة وغيرها نحن بحاجة لأن نتمعن فيها ونحاول الإجابة عنها.
أولاً: دعونا نتكلم عن أهمية تواجد الأب في العائلة والمشاركة في تربيةالأبناء منذ نعومة أظافرهم،
فوجود الأب يعني الحماية يعنيالرعاية يعني القدوة يعني السلطة يعني التكامل الأسري.
ثانياً:
الأطفال بحاجة لأن يشعروا بأن هنالك حماية ورعاية وإرشادوتقويم تختلف عن ما وجدوه عند الأم،وبأن الأب هو الراعي الأساسي
للأسرة وهو مسئول عن رعيته.
وتؤكد الدراسات
التي أجريت حول أسباب فشل الأبناء في الدراسة والحياة العملية أو تزايد
حالات الإدمان أو العنف أن أحد أهم الأسباب هو غياب دور الأب داخل الأسرة،
إما لغيابه المستمر بسبب العمل أو غيره أو لعدم تأثيره واحتكاكه بأبنائه
وترك المسئولية كاملة ملقاة على عاتق الأم.
وينعكس غياب الأب في النهاية على جميع أفراد الأسرة لإهماله لهم، وينتج عن غيابه الضياع للأبناء والخسران.
فالأب هو مصدر
السلطة في المنزل وبإمكان كل أب أن يتدارك ما فات من إهمال لأبناءه وعدم
متابعة، في أن يبدأ بالاه بهم ويحاول مصاحبتهم ومعرفة أفكارهم وميولهم
وهواياتهم، ويحاول أن يساعدهم في حل مشاكلهم، ومعرفة أصدقائهم دون التدخل
المباشر في اختيارهم، ويكون لهم الصديق المخلص المتواجد حتى ولو كان
غائباً. فإذاً وجود الأب في حياة الأبناء مهم جداً لإرشادهم وتقويمهم إذا انحرف أحد منهم، واستخدام الشدة والحزم إلى جانب الرفق والتسامح.
فإحساس الأبناء بوجود رادع لهم إذا
أخطئوا يجعلهم على حذر من الوقوع بالخطأ، واقتراب الأب من أبناءه وتمضية
الوقت الكافي معهم ومحاولة تفهم مشاكلهم وطلباتهم والنقاش معهم يعطيهم
الثقةبالنفس، وبأن لديهم الصدر الحنون الذي يلجئون له عندما يصعب عليهمحل
مشاكلهم بأنفسهم، فيبعد بهذا عنهم شبح الضياع والتوهان وحل الأمور الصعبة
بالطريقة الخاطئة والتي تؤدي بهم إلى طريق السوء.
نعم الأبناء بحاجة الأم ولكن في سن
معين يحتاج الأبناء إلى الأب. وقد أجريت دراسة على 17,000 طفل في جامعة
أكسفورد بإنجلترا عام 2002 للميلاد ووجد أن:
· البنات اللاتي نشئن بين أم وأب كن أقل عرضة للأمراض النفسية
· في حياتهن المستقبلية.
· الأولاد اللذين كانت علاقتهم جيدة مع آبائهم كانوا بعيدين عن
· عن مشاكل العنف والإجرام.
· الأولاد اللذين كانوا قريبين من آبائهم لم يكن لديهم مشاكل عاطفية
· أو نفسية. أيضاً حياتهم المستقبلية في الدراسة وغيرها كانت أكثر استقراراً
· آبائهم لم يكن لديهم مشاكل عاطفية. ل لهم وطلباتهم والنقاش معهم يعطيهم الثقة بالنفس، وبأن لديهم الص
· تدخل الأب في تربية الأطفال منذ طفولتهم جعل التواصل معهم سهلاً في جميع مراحل العمر التالية.
وهذه النتائج أظهرت أن العلاقة
السليمة والتربية الصحيحة بين الآباء والأبناء لا تتوقف فقط على تواجد
الأب بل على مدى تواصل الأب مع أبناءه.
وهنا نقول أن على عاتق الأب والأم
إحداث التوازن النفسي للأبناء وإكسابهم العادات والسلوكيات السليمة،
والضبط والربط وتقويم السلوك الخاطئ، وأن يكونا متفاهمين في طريقة وأسلوب
تربية الأطفال منذ البداية وأن يتعاونا معاً في تنشئة أبنائهمالتنشئة
الصحيحة حتى يشبوا بعيدين عن الأمراض النفسية والمشاكل المعقدة ويكون
لديهم الثقة بالنفس والتخطيط الصحيح لمستقبل أفضل فالأسرة الطبيعية هي
التي تتكون من الأب والأم والأبناء، وكل منهم له دور محدد يكمل دور الآخر
لخلق أسرة سوية تسهم في بناء مجتمع ناجح.